كن خائفًا واستعد للأسوأ"، هذا تحذير مشفر تركه المتسللون بعد أن استهدفوا قواعد بيانات الدولة الأوكرانية في 14 يناير/كانون الثاني.
بعد شهر من هذه الحادثة، أدى هجوم إلكتروني قوي إلى شل الخدمات في بنكين كبيرين وعلى موقع وزارة الدفاع.
وفي كلتا المناسبتين، نفت روسيا تورطها، لكن هذا لم يكن كافيا لتبرئتها، فقد تزامنت هذه الحادثة مع وجود أكثر من 150 ألف جندي على حدود أوكرانيا.
ولكن حتى لو لم تتخذ روسيا خطوة على الأرض بغزو أوكرانيا، فإن أوكرانيا متيقظة بشكل أكبر من هجوم من نوع مختلف، هجوم من البلد المعروف على نطاق واسع بأنه من الأوائل في مجال الحرب الرقمية.
وأوكرانيا ليست الهدف السهل الذي كانت عليه عندما ضربت الهجمات الروسية الأولى أنظمتها الانتخابية في يونيو/حزيران 2014 كما يشير تقرير لصحيفه الإيكونوميست (economist).
ويقول التقرير إن أوكرانيا تعتمد الآن على خبرة محلية كبيرة، وتحصل على المساعدة من أجهزة الأمن الغربية، بما في ذلك القيادة الإلكترونية الأميركية.
فخبرة 8 سنوات جعلتها رائدة على مستوى العالم في اكتشاف التهديدات وإصلاحها.
ويقول فيكتور زورا، نائب القيادة السيبرانية الأوكرانية، إن روسيا ربما تحتفظ بأخطر أدواتها لوقت الذروة، ويضيف "إنهم يحاولون بالفعل بمجموعة كبيرة ومتنوعة من الطرق للسيطرة على شبكاتنا والبنية التحتية الحيوية"، ويتابع "بالطبع، إنها فقط قمة جبل الجليد".
وأفاد أندريه بارانوفيتش، المتحدث باسم التحالف السيبراني الأوكراني، وهو مجموعة ناشطين، بأن مجموعته وجدت أبوابا خلفية لأجزاء مهمة من تكنولوجيا المعلومات وإدارة العمليات بأوكرانيا في غضون أسبوعين من البحث في عام 2017.
حتى أن البعض منه تم الإعلان عنه في السوق السوداء: "فبرامج التحكم في قنوات المياه ومحطات الطاقة وحتى قطاع الطاقة الذرية، مخترقة".
وأدى الهجوم الإلكتروني "نوت بيتيا" (NotPetya) في عام 2017، والذي يعتبر الأكثر ضررًا في تاريخ أوكرانيا ونسبه البيت الأبيض إلى روسيا، إلى تعطيل نظام مراقبة الإشعاع في محطة تشرنوبل للطاقة البائدة ولكنها لا تزال شديدة التلوث.
ستعتمد شراسة العمليات الإلكترونية الروسية على نواياها الأوسع، سواء كان الهدف هو التسبب في الألم وربما الإطاحة بحكومة فولوديمير زيلينسكي، أو دعم عملية عسكرية تقليدية أو كليهما.
ويمكن أن تكون للعمليات السيبرانية آثار نفسية مدمرة على السكان الأوكرانيين دون إطلاق صاروخ.
ويقول فولوديمير أوميليان، وزير البنية التحتية الأوكراني من 2016-2019: "تخيل حالة الذعر في شوارع كييف إذا لم يكن الناس قادرين على الاتصال ببعضهم"، ويضيف أنه لم يتم عمل ما يكفي لحماية شبكات المحمول.
مصدر القلق الأكبر هو أن الكرملين سوف يغلق شبكات الكهرباء والهاتف المحمول والإنترنت لخلق حالة من الفوضى قبل غزو محتمل. وهذا يمكن أن يخلق مخاوف حول 15 محطة للطاقة النووية في البلاد.
ويقول ديمتري ألبيروفيتش، الذي كشفت شركته للأمن السيبراني "كرود سترايك" (CrowdStrike) حملة القرصنة الروسية للجنة الوطنية الديمقراطية في عام 2015، إن موسكو لديها القدرة على القيام بكل ذلك.
ويمكنها أن تستهدف فعليا عشرات نقاط تبادل البيانات التي تربط أوكرانيا بالإنترنت، وتستخدم قدرات الحرب الإلكترونية لتشويش موجات الأثير في الأماكن، مما يؤثر على الهواتف المحمولة ووسائل الاتصال الأخرى المعتمدة على الراديو.
فهواتف الأقمار الصناعية غير متوفرة للشراء في أوكرانيا منذ بداية العام. وفي حالة اندلاع حرب دموية، سيكون انقطاع الإنترنت مفيدًا بشكل خاص للكرملين.
معظم خبراء الأمن السيبراني يرون أنه من الصعب تحقيق انقطاع كامل في الاتصالات. ويعتقدون أن تعطيل اتصالات النطاق العريض يتطلب عملية فيزيائية محفوفة بالمخاطر داخل أوكرانيا.
كما أن بنية شبكة الهاتف المحمول في الدولة، مع الأعمدة المتداخلة، تجعلها قادرة على الصمود أمام الاضطرابات على مستوى الدولة.